كتاب: فتاوى الرملي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتاوى الرملي



(سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُ، ثُمَّ تَزَوَّجَ بِوَكِيلٍ وَقَالَ: قَصَدْتُ بِنَفْسِي هَلْ يُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا أَوْ يَدِينُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّهُ حَقِيقَةُ لَفْظِهِ وَلِأَنَّ التَّزَوُّجَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ عَقْدِهِ بِنَفْسِهِ وَبَيْنَ عَقْدِ وَكِيلِهِ لَهُ وَمَتَى ادَّعَى إرَادَةَ أَحَدِ مَعْنَيَيْ الْمُشْتَرَكِ قُبِلَ ظَاهِرًا عَلَى الْأَصَحِّ بَلْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: إنَّ حِنْثَهُ بِتَزَوُّجِ وَكِيلِهِ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَلِلدَّلِيلِ وَلِلْأَكْثَرِينَ فَإِنَّهُمْ صَرَّحُوا بِعَدَمِ حِنْثِهِ وَقَالَ: إنَّهُ الصَّوَابُ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ يَلْبَسُ هَذِهِ الْبُرْدَةُ بَقِيَّةَ هَذَا الشَّهْرِ فَلَبِسَهَا، ثُمَّ نَزَعَهَا قَبْلَ فَرَاغِ بَقِيَّةِ ذَلِكَ الشَّهْرِ وَلَمْ يَلْبَسْهَا فِيهَا هَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ ظَنَّ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَنَّ الْحَالِفَ تَخَلَّصَ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ بِلُبْسِهِ الْمَذْكُورَ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ ذَلِكَ الطَّلَاقُ وَإِلَّا وَقَعَ لِانْتِفَاءِ لُبْسِهِ فِي جَمِيعِ تِلْكَ الْبَقِيَّةِ.
(سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ زَوْجَتُهُ حَامِلٌ فَقَالَ لَهَا: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي مِنْك يَوْمَ تَضَعِي حَمْلَك طَلَّقْتُك، ثُمَّ أَنَّهَا وَضَعَتْ لَيْلًا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَهَلْ إذَا مَضَتْ اللَّيْلَةُ الَّتِي وَلَدَتْ فِيهَا وَلَمْ يُطَلِّقْهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ أَمْ لَا يَقَعُ حَتَّى يَمْضِيَ النَّهَارُ الَّذِي يَلِيهَا أَمْ لَا يَقَعُ شَيْءٌ لِكَوْنِهَا لَمْ تَلِدْ نَهَارًا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا لَا تَطْلُقُ لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ فِي السُّؤَالِ.
(سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ إلَّا ثُلُثَ إلَّا رُبُعَ إلَّا سُدُسَ إلَّا ثُمُنَ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ، وَإِنْ قَصَدَ الِاسْتِثْنَاءَ بِشَرْطِهِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَبَعَّضُ إذْ الْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا تَقَعُ إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ فَلَا يَقَعُ إلَّا ثُلُثَ طَلْقَةٍ فَيَقَعُ إلَّا رُبُعَ طَلْقَةٍ فَلَا يَقَعُ إلَّا سُدُسَ طَلْقَةٍ فَيَقَعُ إلَّا ثُمُنَ طَلْقَةٍ فَلَا يَقَعُ.
(سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِلْقَاضِي: أَشْهَدُ عَلَى أَنَّ زَوْجَتِي طَالِقٌ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: قَصَدْت الْإِتْيَانَ بِالِاسْتِثْنَاءِ قَبْلَ فَرَاغِ لَفْظِي وَأَتَيْت بِهِ مُتَّصِلًا بِحَيْثُ سَمِعْتُهُ فَقَالَ الْقَاضِي: لَمْ أَسْمَعْ سِوَى الطَّلَاقِ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ أَوْ لَا أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ تُكَذِّبَهُ زَوْجَتُهُ فِيمَا قَالَهُ أَوْ لَا، وَهَلْ الِاسْتِثْنَاءُ الْمَذْكُورُ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ أَوْ لَا وَهَلْ قَوْلُهُ: أَشْهَدُ إلَخْ إنْشَاءٌ أَوْ إخْبَارٌ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ تُكَذِّبَهُ زَوْجَتُهُ فِيهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا فِي نَفْيِهِ فَإِذَا حَلَفَتْ حُكِمَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالِاسْتِثْنَاءُ الْمَذْكُورُ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ أَشْهَدُ إلَخْ أَرَادَ بِهِ الْإِنْشَاءَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ قَصَدْت الْإِتْيَانَ إلَخْ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ دَفَعَ لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ دِينَارًا بِحَضْرَةِ جَمَاعَةٍ كَثِيرِينَ، ثُمَّ طَالَبَهُ بِهِ وَأَنْكَرَ دَفْعَهُ فَحَلَفَ الْمَدْيُونُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ دَفَعَهُ لَهُ قُدَّامَ مِائَةِ نَفْسٍ مِنْ الْأَسَاكِفَةِ وَقَصَدَ الْكَثْرَةَ لَا الْعَدَدَ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّفْعُ قُدَّامَ مِائَةِ نَفْسٍ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ رَفْعِ بَعْضِهَا بِلَا لَفْظٍ وَلِأَنَّ فِيمَا ادَّعَاهُ رَفْعَ الطَّلَاقِ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَابُدَّ فِيهِ مِنْ اللَّفْظِ الدَّالِ عَلَيْهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ أَرَدْت طَلَاقًا لَا يَقَعُ أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا لَمْ أَضْرِبْك مِائَةَ ضَرْبَةٍ فَضَرَبَهَا أَقَلَّ مِنْ مِائَةٍ، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْتُ بِالْمِائَةِ الْكَثْرَةَ لَا الْحَصْرَ فِيهَا فَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فَرْعٌ فِي ضَبْطِ مَا يَدِينُ فِيهِ وَمَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ لِمَا يَدَّعِيه الشَّخْصُ مِنْ النِّيَّةِ مَعَ مَا أَطْلَقَهُ مِنْ اللَّفْظِ أَرْبَعُ مَرَاتِبَ: أَحَدُهَا: أَنْ يَرْفَعَ مَا صَرَّحَ بِهِ بِأَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْتُ طَلَاقًا لَا يَقَعُ عَلَيْك أَوْ لَمْ أُرِدْ إيقَاعَ الطَّلَاقِ فَلَا تُؤَثِّرُ دَعْوَاهُ وَلَا يَدِينُ بَاطِنًا.
الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ مَا يَدَّعِيه مُقَيَّدًا لِمَا تَلَفَّظَ بِهِ مُطْلَقًا بِأَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت عِنْدَ دُخُولِ الدَّارِ فَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا وَفِي التَّدْيِينِ الْخِلَافُ.
الثَّالِثَةُ: أَنْ يَرْجِعَ مَا يَدَّعِيه إلَى تَخْصِيصِ عُمُومٍ فَيَدِينُ وَفِي الْقَبُولِ ظَاهِرًا خِلَافٌ.
الرَّابِعَةُ: أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مُحْتَمِلًا لِلطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ شُيُوعٍ وَظُهُورٍ وَفِي هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ يَقَعُ لِلْكِنَايَاتِ وَيُعْمَلُ فِيهَا بِالنِّيَّةِ. اهـ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ: وَالضَّابِطُ أَنَّهُ إنْ فَسَّرَ بِمَا يَرْفَعُ الطَّلَاقَ فَقَالَ: أَرَدْت طَلَاقًا لَا يَقَعُ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ بِتَخْصِيصِ مُتَعَدِّدٍ كَطَلَّقْتُكِ ثَلَاثًا وَأَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً أَوْ أَرْبَعَتَكُنَّ وَأَرَادَ إلَّا ثَلَاثَةً لَمْ يَدِنْ، وَإِنْ فُسِّرَ بِغَيْرِهِ مِنْ مُقَيَّدٍ لِلطَّلَاقِ أَوْ صَارِفٍ إلَى مَعْنًى آخَرَ أَوْ مُخَصِّصٍ كَقَوْلِهِ: أَرَدْت إنْ دَخَلْت أَوْ طَلَاقًا مِنْ وَثَاقٍ أَوْ إلَّا فُلَانَةَ بَعْدَ كُلِّ امْرَأَةٍ لِي أَوْ نِسَائِي دِينَ. اهـ.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا إلَّا فِي شَرٍّ، ثُمَّ تَخَاصَمَا وَكَلَّمَهُ فِي شَرٍّ فَهَلْ إذَا كَلَّمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي خَيْرٍ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِكَلَامِهِ فِي الْخَيْرِ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ انْحَلَّتْ بِكَلَامِهِ الْأَوَّلِ إذْ لَيْسَ فِيهَا مَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَيَّدَهَا بِكَلَامٍ وَاحِدٍ وَلِأَنَّ لِهَذِهِ الْيَمِينِ جِهَةَ بِرٍّ وَهِيَ كَلَامُهُ فِي الشَّرِّ وَجِهَةُ حِنْثٍ وَهِيَ كَلَامُهُ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَقْتَضِي النَّفْيَ وَالْإِثْبَاتَ جَمِيعًا وَإِذَا كَانَ لَهَا جِهَتَانِ وَوُجِدَتْ إحْدَاهُمَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِدَلِيلِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الْيَوْمَ الدَّارَ أَوْ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ الدَّارَ فِي الْيَوْمِ بَرَّ وَإِنَّ تَرَكَ أَكْلَ الرَّغِيفِ، وَإِنْ أَكَلَهُ بَرَّ، وَإِنْ دَخَلَ الدَّارَ وَلَيْسَ كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ خَرَجْت لَابِسَةً حَرِيرَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ غَيْرَ لَابِسَةٍ لَهُ لَا تَنْحَلُّ حَتَّى يَحْنَثَ بِالْخُرُوجِ ثَانِيًا لَابِسَةً لَهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَى جِهَتَيْنِ، وَإِنَّمَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِخُرُوجِ مُقَيِّدٍ فَإِذَا وُجِدَ وَقَعَ.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ فِي الْكَوَاكِبِ: إنَّ لَوْلَا تَكُونَ تَارَةً حَرْفَ امْتِنَاعٍ لِوُجُودٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلِيهَا إلَّا الْمُبْتَدَأُ عَلَى الْمَعْرُوفِ، نَحْوُ لَوْلَا زَيْدٌ لَأَكْرَمْتُك أَيْ امْتَنَعَ الْإِكْرَامُ لِأَجْلِ وُجُودِ زَيْدٍ، وَتَارَةً حَرْفَ تَحْضِيضٍ بِمَعْنَى هَلَّا وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {لَوْلَا أُنْزِلَ إلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا} إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَمِنْ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَوْلَا دَخَلْتِ الدَّارَ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ وَرَدَتْ مِنْ الْيَمِينِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَرَادَ بِلَوْلَا التَّحْضِيضِيَّةُ وَأَتَى بِهَا بَعْدَ إيقَاعِ الطَّلَاقِ إمَّا حَثًّا لَهَا عَلَى الدُّخُولِ أَوْ إنْكَارًا أَوْ تَعْلِيلًا لِلْإِيقَاعِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَيَحْتَمِلُ إرَادَةُ لَوْلَا الِامْتِنَاعِيَّةُ إلَّا أَنَّهُ أَخْطَأَ فِي الْإِعْرَابِ فَأَتَى بِالْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ عَقِبَهَا وَالِاسْمِيَّةِ جَوَابًا لَهَا، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ إلَى الْفَهْمِ فَإِنْ أَطْلَقَ أَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ فَفِيهِ نَظَرٌ. اهـ. مَا الْمُعْتَمَدُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ امْتِنَاعًا وَتَحْضِيضًا عَمِلَ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا أَوْ لَمْ يُعْرَفْ قَصْدُهُ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ حَمْلًا عَلَى أَنَّ لَوْلَا الِامْتِنَاعِيَّةَ لِتَبَادُرِهَا إلَى الْفَهْمِ عُرْفًا وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالشَّكِّ وَلِأَنَّ الِامْتِنَاعِيَّةَ قَدْ يَلِيهَا الْفِعْلُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ فِي تَسْهِيلِهِ: وَقَدْ تَلِي الْفِعْلَ غَيْرَ مُفْهِمَةٍ تَحْضِيضًا. اهـ.
وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ: فَلَا يَلِيهَا إلَّا الْمُبْتَدَأُ عَلَى الْمَعْرُوفِ. اهـ. وَلِأَنَّ التَّحْضِيضِيَّةَ تَخْتَصُّ بِالْمُضَارِعِ أَوْ مَا فِي تَأْوِيلِهِ نَحْوُ: {لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ} وَنَحْوُ: {لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ}.
(سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّ زَوْجَتَهُ لَا تَأْكُلُ كَذَا فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَمَضَى وَادَّعَى أَنَّهَا أَكَلَتْهُ وَأَنْكَرَتْ وَحَلَفَتْ فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِيَمِينِهَا أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ كَوْنِ غَيْرِهَا أَكَلَ ذَلِكَ الشَّيْءَ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ مُتَيَسِّرَةٌ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ.
(سُئِلَ) عَنْ الْإِكْرَاهِ عَلَى الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ وَنَحْوُهُ هَلْ إذَا كَانَ بِحَقٍّ أَيَكُونُ كَالْعَدَمِ وَيَقَعُ الْمُعَلَّقُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَاقْتَضَاهُ تَقْيِيدُ الْأَذْرَعِيِّ مَسْأَلَةَ الْإِكْرَاهِ عَلَى أَخْذِ مَالِهِ عَلَى مَنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى الْأَخْذِ وَتَعَقَّبَ الْخَادِمَ لَمَّا أَسْقَطَهُ صَاحِبُ الرَّوْضِ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ فِيمَنْ قَالَ: إنْ أَخَذْت مَالِكَ مِنِّي فَإِنْ أَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ حَتَّى أَعْطَى بِنَفْسِهِ فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي فِعْلِ الْمُكْرَهِ بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا أَكْرَهَهُ عَلَى مُبَاشَرَةِ الْإِعْطَاءِ بِنَفْسِهِ أَيْ لِيَكُونَ الْإِكْرَاهُ عَلَى وَجْهِ غَيْرِ الْحَقِّ وَإِلَّا فَيَحْنَثُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَبِيلٌ إلَّا بِمُبَاشَرَةِ الْإِعْطَاءِ بِنَفْسِهِ عَلَى الْمُتَّجَهِ قَالَ: لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ أَمْ يُمْنَعُ مِنْ الْحِنْثِ أَيْضًا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا مَا ذَكَرْته وَمِنْهَا مَا فِي الْأَيْمَانِ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يُوفِيهِ وَلَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ فَفَعَلَ مُكْرَهًا أَوْ لَا نَفْتَرِقُ حَتَّى أَسْتَوْفِيَ وَأَفْلَسَ فَمَنَعَهُ الْحَاكِمُ مِنْ مُلَازَمَتِهِ وَأَيْضًا لَا يُتَصَوَّرُ الْإِكْرَاهُ بِحَقٍّ عَلَى الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ بِصِفَتِهِ وَقَدْ يَتَخَلَّفُ الْأَثَرُ شَرْعًا كَمَا فِي الْحُكْمِ بِثُبُوتِ رَمَضَانَ بِعَدْلٍ مَعَ الْحُكْمِ بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِهِ وَنَحْوِهِ وَأَيْضًا لَمْ أَرَ التَّصْرِيحَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْإِكْرَاهِ بِحَقٍّ وَبِغَيْرِ حَقٍّ إلَّا فِي الْمُنَجَّزِ عَلَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمُنَازَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْخَادِمِ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ، وَهَلْ فَرَّقَ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ بَيْنَ إكْرَاهِ الْحَاكِمِ وَإِكْرَاهِ غَيْرِهِ فَتُرْشِدُونَا إلَى النَّقْلِ فِي ذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْإِكْرَاهَ الْمَذْكُورَ يَمْنَعُ مِنْ الْحِنْثِ لِمَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي الْأَيْمَانِ وَغَيْرِهَا، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ الْحُكْمُ فِي الْإِكْرَاهِ بَيْنَ كَوْنِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَكَوْنِهِ بِحَقٍّ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي عَقْدٍ أَوْ حِلٍّ يَحْصُلُ بِصِحَّتِهِ أَوْ نُفُوذِهِ مَصْلَحَةٌ لِلْآدَمِيِّ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ الطَّلَاقِ، وَلَا يُفْتَرَقُ حُكْمُهُمَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ وَالْإِكْرَاهُ بِالْحَقِّ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَنَحْوِهَا إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الشَّرْعِ فَيَجِبُ امْتِثَالُ أَمْرِهِ لِنُفُوذِ حُكْمِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا.
(سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِشَخْصٍ: بَلَغَنِي أَنَّك طَلَّقْتَ زَوْجَتَك، فَقَالَ: خَلِّهَا مُطَلَّقَةً هَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِهَذَا اللَّفْظِ سَوَاءٌ أَقَصَدَ الطَّلَاقَ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ بِلَفْظِهِ الْمَذْكُورِ.
(سُئِلَ) عَنْ مُسْتَنِدِ صُورَتِهِ بَعْدَ الْحَمْدَلَةِ هَذِهِ حُجَّةٌ صَحِيحَةٌ شَرْعِيَّةٌ وَوَثِيقَةٌ مُحَرَّرَةٌ شَرْعِيَّةٌ يُعْرَبُ مَضْمُونُهَا وَيُخْبَرُ مَكْنُونُهَا بِمَجْلِسِ الشَّرِيعَةِ الْمُطَهَّرَةِ بِغَزَّةَ الْمَحْرُوسَةِ أَجَلَّهَا اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ يَدَيْ مَوْلَانَا الْحَاكِمِ الْوَاضِعِ خَطَّهُ أَعْلَاهُ زَادَ اللَّهُ عُلَاهُ بَعْدَ أَنْ ادَّعَى مُدَّعٍ شَرْعِيٌّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ شَعْبَانَ مِنْ أَوْلَادِ نَاهِضٍ أَنَّهُ قَبْلَ تَارِيخِهِ حَنِثَ فِي زَوْجَتِهِ الْحُرْمَةُ عَائِشَةَ بِنْتِ الْمَقْدِسِيِّ مِنْ أَهْلِ قَرْيَةِ جباليا مِنْ ضَوَاحِي غَزَّةَ الْمَحْرُوسَةِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ بِمُقْتَضَى أَنَّهُ لَمَّا تَشَاجَرَ هُوَ وَخَالَاهَا وَلَدَا مُحَمَّدٍ تكتوك بِسَبَبِ الْقَضِيَّةِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَهُمْ قَبْلَ تَارِيخِهِ وَأَنَّ الشَّيْخَ سَابِقَ بْنَ بَصِيصٍ مِنْ النَّاحِيَةِ غوش عَلَى الْمُدَّعِي بِسَبَبِهِمْ فَأَجَابَهُ بِأَنْ قَالَ لَهُ: كَيْفَ أَفْعَلُ فِيهَا طَلَّقْتهَا عِشْرِينَ مَرَّةً وَأَنْتَ تَغْصِبُنِي بِرُجُوعِهَا إلَيَّ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ سُؤَالَهُ فَأَجَابَ بِالِاعْتِرَافِ بِذَلِكَ، وَأَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ إخْبَارًا عَنْ طَلَاقٍ سَابِقٍ مِنْهُ عَلَيْهَا عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ وَأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ إنْشَاءَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَلَا غَيْرَهُ وَحَلَفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى الْيَمِينَ الشَّرْعِيَّةَ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ ذَلِكَ إلَّا كَذَلِكَ وَأَنَّهُ يَمْلِكُ عَلَيْهَا طَلْقَتَيْنِ حَلِفًا شَرْعِيًّا وَثَبَتَ ذَلِكَ لَدَى الْحَاكِمِ الْمُشَارِ إلَيْهِ الثُّبُوتَ الشَّرْعِيَّ بِشَهَادَةِ شُهُودٍ آخِرُهُ حُكْمٌ، أَيَّدَ اللَّهُ تَعَالَى حُكْمَهُ بِمُوجِبِ ذَلِكَ حُكْمًا شَرْعِيًّا مَسْئُولًا فِيهِ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ الشَّرْعِيَّةَ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ.
وَشَهِدَ بِذَلِكَ فِي سَابِعَ عَشَرَ جُمَادَى الثَّانِيَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ وَسُؤَالُ صُورَتِهِ بَعْدَ الْحَمْدَلَةِ مَا قَوْلُكُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكُمْ أَجْمَعِينَ وَنَفَّعَ بِعُلُومِكُمْ الْمُسْلِمِينَ فِي رَجُلٍ مِنْ عَوَامِّ النَّاسِ الْجَاهِلِينَ بِالْأُمُورِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْأَلْفَاظِ الْمَعْنَوِيَّةِ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلْقَةً وَاحِدَةً وَأَعَادَهَا إلَى عِصْمَتِهِ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ، ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ مَدِيدَةٍ حَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا تَشَاجُرٌ وَمُخَاصَمَةٌ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: لِمَ لَا تُطَلِّقُهَا وَتَسْتَرِيحُ مِنْهَا فَقَالَ: طَلَّقْتهَا عِشْرِينَ مَرَّةً وَتَغْصِبنِي بِرَدِّهَا إلَيَّ وَأَرَادَ بِذَلِكَ الطَّلْقَةَ الْأُولَى وَالْعَوْدَ مِنْهَا وَبَالَغَ فِي الْعَدَدِ الزَّائِدِ وَادَّعَى عَلَيْهِ مُدَّعٍ شَرْعِيٌّ بِأَنَّهُ صَدَرَ مِنْهُ حِنْثٌ فِي زَوْجَتِهِ فُلَانَةَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ بِمُقْتَضَى أَنَّهُ قَالَ جَوَابًا لِلْقَائِلِ لِمَ لَا تُطَلِّقُهَا فَقَالَ: طَلَّقْتهَا عِشْرِينَ مَرَّةً كَمَا ذَكَرَ وَسُئِلَ سُؤَالَهُ فَأَجَابَ بِالِاعْتِرَافِ بِذَلِكَ أَيْ بِالْمُقْتَضَى وَأَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ جَاهِلًا عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ وَأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ إنْشَاءَ طَلَاقٍ وَلَا تَكْرَارِهِ وَأَنَّهُ يَمْلِكُ عَلَيْهَا طَلْقَتَيْنِ وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ يَمِينًا شَرْعِيَّةً، وَثَبَتَ ذَلِكَ لَدَى الْحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ الْمُدَّعَى عِنْدَهُ وَحَكَمَ بِمُوجِبِهِ مُسْتَنِدًا إلَى مَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَاوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَمَا نَقَلَهُ الْقُونَوِيُّ فِي شَرْحِ الْحَاوِي فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِخْبَارِ عَنْ الطَّلَاقِ وَالْإِخْبَارِ عَنْهُ فِي الْمَاضِي مِنْ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا.
فَهَلْ إذَا أَرَادَ بِذَلِكَ الْإِخْبَارَ عَنْ الطَّلَاقِ الْمَاضِي وَذِكْرُ الزِّيَادَةِ مُبَالَغَةٌ فِي الْعَدَدِ يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ لِذَلِكَ وَيُقْبَلُ مِنْهُ فَإِنْ قُلْتُمْ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْكُمْ- يَقَعُ فَهَلْ الْحُكْمُ بِالْمُوجِبِ صَحِيحٌ أَمْ بَاطِلٌ وَهَلْ يُلَازِمُ الْحَاكِمَ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ مُسْتَنِدًا لِلنَّقْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَى مَا يُخَالِفُهُمَا وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَمْرِ الشَّرْعِيِّ أَمْ لَا وَهَلْ يَلْزَمُ الزَّوْجَ بِالْوَطْءِ بَعْدَ الْحُكْمِ شَيْءٌ مِنْ اللَّوَازِمِ الشَّرْعِيَّةِ أَمْ لَا وَمَا حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى فِي ذَلِكَ أَفْتَوْنَا مَأْجُورِينَ أَثَابَكُمْ اللَّهُ الْجَنَّةَ؟ وَجَوَابُ صُورَتِهِ بَعْدَ الْحَمْدَلَةِ: اللَّهُمَّ اهْدِنِي لَمَّا اُخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ الْحَقِّ بِإِذْنِك لَا يَقَعُ طَلَاقٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ وَلَمْ يُقِرَّ بِطَلَاقِهَا الْآنَ صَادِقًا وَلَا كَاذِبًا بَلْ أَخْبَرَ عَنْ أَمْرٍ مَضَى وَأَنَّهَا فِي عِصْمَتِهِ الْآنَ بَلْ هُوَ مُعْتَذِرٌ عَنْ بَقَائِهَا فِي عِصْمَتِهِ، وَمَنْقُولُ الرَّوْضَةِ إنَّمَا هُوَ فِي الِاسْتِخْبَارِ عَنْ الطَّلَاقِ الْآنَ وَالْإِخْبَارُ بِهِ كَاذِبًا فَيَجْرِي فِيهِ التَّفْصِيلُ وَالْخِلَافُ وَلَيْسَتْ مَسْأَلَتُنَا مِنْ ذَلِكَ الْقَبِيلِ فَنَقْطَعُ فِيهَا بِعَدَمِ الْقَبُولِ لَاسِيَّمَا وَقَدْ وَقَعَ مِنْهُ فِي الْمَاضِي طَلَاقٌ فِي الْجُمْلَةِ فَهُوَ مُخْبِرٌ عَنْ حَقِيقَتِهِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ كَذَبَ فِي الْعَدَدِ إقَامَةً لِلْعُذْرِ فِي عَدَمِ الطَّلَاقِ وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ فِي الْعِصْمَةِ حَالًا، وَحِينَئِذٍ فَحُكْمُ الْحَاكِمِ صَحِيحٌ وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ ظَلَمَهُ بِشَيْءٍ لَزِمَهُ الْخُرُوجُ مِنْ مَظْلِمَتِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ بَلْ الزَّوْجَةُ بَاقِيَةٌ فِي عِصْمَتِهِ حَيْثُ الْأَمْرُ كَمَا شُرِحَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ وَكَتَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْغَزِّيِّ الشَّافِعِيِّ لَطَّفَ اللَّهُ بِهِ حَامِدًا وَمُصَلِّيًا وَمُسْلِمًا فَهَلْ السُّؤَالُ الْمَذْكُورُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ مُوَافِقٌ لِلْمُسْتَنَدِ الْمَذْكُورِ مَعْنًى وَإِنْ اخْتَلَفَ لَفْظًا؟ فَإِنْ قُلْتُمْ: مُوَافِقٌ، فَهَلْ يَعْتَمِدُ الْحَاكِمُ الْمَذْكُورُ كَلَامَ الْمُفْتِي وَيْحُكُمْ لِلزَّوْجِ بِبَقَاءِ الْعِصْمَةِ أَمْ لَا، وَإِنْ قُلْتُمْ: مُخَالِفٌ فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى الزَّوْجِ بِمُوجِبِ الْمُسْتَنَدِ الْمَذْكُورِ أَوْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ فَهَلْ يَلْزَمُ الْحَاكِمَ وَالزَّوْجَ بِذَلِكَ شَيْءٌ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا طَلُقَتْ زَوْجَتُهُ ثَلَاثًا، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فِي إخْبَارِهِ؛ لِأَنَّ تَلَفُّظَ الشَّخْصِ بِالطَّلَاقِ لَا يَكُونُ إلَّا إنْشَاءً أَوْ إخْبَارًا وَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُ إنْشَاءً فِي مَسْأَلَتِنَا لِقَوْلِهِ وَتَغْصِبُنِي بِرَدِّهَا إلَيَّ فَتَعَيَّنَ كَوْنُهُ إخْبَارًا بِأَنَّهُ طَلَّقَهَا عِشْرِينَ طَلْقَةً أَمَّا بِأَنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ عِشْرِينَ طَلْقَةً أَوْ أَوْقَعَهَا مُفَرَّقَةً فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا وَلَا يَحِلُّ لَهُ تَجْدِيدُ نِكَاحِهَا إلَّا بَعْدَ التَّحْلِيلِ بِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ بِلَفْظِهِ الْمَذْكُورِ الطَّلَاقُ الْوَاقِعُ مِنْهُ فِي الْمَاضِي لِمُخَالَفَتِهِ لَهُ فِي الْعَدَدِ فَلَا يَصِحُّ الْإِخْبَارُ بِهِ عَنْهُ لِعَدَمِ مُطَابَقَتِهِ لَهُ، وَقَوْلُهُ وَتَغْصِبُنِي بِرَدِّهَا إلَيَّ لَا يُفِيدُ كَوْنُهَا فِي عِصْمَتِهِ حَالَ نُطْقِهِ بِلَفْظِهِ الْمَذْكُورِ بَلْ لَوْ قَالَ بَدَلَهُ وَهِيَ الْآنَ فِي عِصْمَتِي لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَعْقِيبِ الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ وَلَا وَجْهَ لِلْقَوْلِ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ فِي مَسْأَلَتِنَا فَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَوْ قِيلَ لَهُ: مَا تَصْنَعُ بِهَذِهِ الزَّوْجَةِ طَلِّقْهَا فَقَالَ: طَلُقَتْ وَقَعَ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى السُّؤَالِ وَالتَّعْوِيضِ وَقَدْ قَالُوا: لَوْ قِيلَ لِرَجُلٍ اسْتِخْبَارًا أَوْ الْتِمَاسًا لِلْإِنْشَاءِ أَطَلَّقْت امْرَأَتَك أَوْ فَارَقْتهَا أَوْ سَرَّحْتهَا أَوْ زَوْجَتُك طَالِقٌ فَقَالَ: طَلُقَتْ وَقَعَ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ قَطْعًا فِي الِاسْتِخْبَارِ وَالِالْتِمَاسِ وَلَوْ أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ كَاذِبًا لَمْ تَطْلُقْ بَاطِنًا وَطَلُقَتْ ظَاهِرًا وَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ بَائِنٌ، ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت بِالْبَائِنِ الْبَائِنَ بِالطَّلَاقِ فَلَمْ يَقَعْ الثَّلَاثُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِإِقْدَامِهِ عَلَى الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ. اهـ.
وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بَاطِلٌ وَلَكِنْ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ فِيهِ لِاسْتِنَادِهِ الْمَذْكُورِ، وَإِنْ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ فِيهِ وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْأُمُورِ الشَّرْعِيَّةِ شَيْءٌ وَيَلْزَمُ مُطَلِّقَهَا بِوَطْئِهِ الْمَذْكُورِ مَهْرُ مِثْلِهَا.